Cookie Consent by Cookie Consent

مُقدمة الكاتب

 

جسدُ روائيِّ للبيع

 

سعرُ الليلةِ 194,99 يورو، أنتَ اسمكَ لاجئ، وسوفَ يبقى اسمكَ لاجئًا، أتيتَ من أرضِ الحروبِ والدماءِ والتصفياتِ الطائفيةِ والقوميةِ والعرقيةِ، أحلامُك مرهونةٌ بالقليلِ من الحريةِ والكرامة، إن كانَ لديكَ هدفٌ في الحياةِ سوفَ تحققهُ من بعدِ أن تستهلكَ كلَّ قِواكَ الجسديةِ

والعقلية، وسوفَ تُثبتُ لنفسكَ بأنكَ نجحتَ وأنَّ لديكَ قدرةٌ ولو ضئيلةٌ للتغير، وعندما تصلُ إلى أرضِ الأحلامِ كما يُسميها عشاقُ الديمقراطيةِ عليكَ أن تُتقنَ ثلاثةَ أشياء

اللغةُ والاندماجُ والالتحاقُ بسوقِ العمل

وهناكَ شرطٌ واحدٌ لكي تحصلَ على هذه الأشياءِ الثلاثة، حتَّى أكونُ معكَ في قمةِ الوضوحِ ألا وهو

الابتعادُ الجذريُّ عن العرب

وعدمُ الاقترابِ منهم حتى ولو كانوا أنبياء، وإذا حاولتَ أن تقتربَ فسوفَ تُقبر كُليا ولن يُنزلوا عليكَ أية وسيلة من وسائلِ الرحمةِ مهما فعلت، طبعًا لا تَستثني منهم أحدًا من سياسيينَ

وإعلاميينَ ومُفكرينَ وأطباءَ ومُدَّعي الشرف والنُّبوة، سوفَ تجدُ بأنهم في معركةٍ دائمةٍ بعضهم مع بعض وشتائمَ

وتُهَمَ ومعاركَ داميةٍ قد تصلُ إلى سُدَّةِ القضاءِ تحتَ تُهَم لا تُسمنُ ولا تُغني من جوع، وبلغةٍ شوارعيةٍ أكثر

الشاطر يلي بدو يخرا على الآخر

عندما تتقنُ الأشياءَ المطلوبة منكَ، أن تتجهَ إلى مكتبِ سوقِ العمل، إذا حالفكَ الحظُّ وكانَ الموظفُ هناكَ من أهلِ البلد، أعتقدُ أنَّ أمَّكَ قد دعتْ لكَ في ليلةِ القدر، – كنايةٌ عن الحظِّ السعيد – وإذا كانَ الموظفُ عربيًّا جديدًا سوفَ ترى نجومَ الظهرِ

وتتمنى لو أنكَ غرقتَ في البحر، ومهما حاولتَ أن تفتحَ نافذةَ أمل، سوفَ يُغلقُ الموظفُ عليكَ كلَّ الأبوابِ حتى ثقوبَ الحياةِ سوفَ يَطأُ عليها بقدمِه ويُجردُكَ من كافةِ حقوقِكَ الإنسانية

تخيَّل وبعدَ أن تَنتهي من كتابةِ سبعٍ وعشرين روايةً باللغةِ العربية، وروايتينِ باللغةِ الألمانية، وتَطبعُ وتنشرُ ويكونُ لكَ مهمةً في الحياة، بكلِّ سخريةٍ سيقولُ لكَ الموظفُ العربي

في مكتبِ العملِ لا يوجدُ مهنة كاتبٍ وروائي هنا

جارتي كاترين تقولُ لي: إنها تعملُ في بيتِ دعارة، واسمُها مسجلٌ في مكتبِ العملِ كمهنة، ولها كل حقوقِها الإنسانيةِ

والقانونيةِ والطبيةِ في البلد، وتعيشُ بحريةٍ تامةٍ ومُرتَّبُها أفضلُ من مُرتَّبِ طبيبٍ في مشفى فيينا، وأما الكاتبُ في هذهِ البلد لا يَحظى بأيِّ حقِّ من حقوقِه حتى لو حصلَ على جائزةِ نوبل، بالمختصر

،على ما يبدو حانَ الوقتُ لتغييرِ المهنة، من روائيِّ يُمارسُ مهنةَ الحلمِ إلى رجلٍ يُريدُ بيعَ جسدِه في ملهًى للعُراة

وأنا ما زلتُ ثابتًا عند نظريَّتي التي تقول

لا تلوموا العاهرةَ على بيعِ شرفِها، ولكن عليكُم أن تضعوا اللومَ على المجتمعِ الذي أوصلَها لبيعِ جسدِها لكلِّ جائعٍ جنسيا

 

زهير أبو سعد

عضو في الأكاديمية الدولية للإبداع

عضو في منظمة إتحاد بلا حدود الأوروبية

عضو في رابطة الأدباء العرب

عضو في منظمة القلم النمساوي

عضو في رابطة الأفرو أسيوية